كتبت بوسي عواد
في ظل مساعي الدولة المصرية للتحول إلى مركز إقليمي للطاقة، يمثل مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية خطوة استراتيجية بالغة الأهمية نحو إنشاء شبكة كهرباء عربية موحدة، تسهم في تعزيز أمن الطاقة وتبادل القدرات الإنتاجية بين الدول، وتفتح آفاقًا واسعة للتكامل الإقليمي في قطاع الكهرباء.
فبحسب ما نشره المركز الإعلامي لمجلس الوزراء عبر سلسلة من الإنفوجرافات الحديثة، فإن مشروع الربط المصري السعودي يسير بخطى ثابتة، حيث وصلت نسبة تنفيذه إلى 76.9% حتى مايو الماضي على جانبي المشروع، ما يؤكد التقدم الملموس في التنفيذ وفقًا للجداول الزمنية المحددة.
ويُعد هذا المشروع أول وأكبر مشروع تيار مستمر عالي الجهد (HVDC) في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بقدرة تبادل تصل إلى 3000 ميجاوات، ما يعزز من مرونة واستقرار الشبكات بين البلدين، ويفتح المجال لتبادل فائض الطاقة، خاصة في أوقات الذروة، واستغلال الفروقات الزمنية بين الذروتين في مصر والسعودية.
الربط مع السعودية لا يأتي بمعزل عن باقي خطوات الدولة، حيث شهدت القدرات الاسمية للكهرباء في مصر زيادة قدرها 86.6% خلال عشر سنوات، نتيجة استثمارات ضخمة في محطات التوليد، خاصة من المصادر المتجددة كالشمس والرياح، ما مهد الطريق لمشروعات الربط مع دول عربية وأفريقية وأوروبية على حد سواء.
وأكدت الوكالة الدولية للطاقة على أهمية مشروع الربط مع السعودية، واعتبرته نموذجًا رائدًا في المنطقة، يعكس رؤية مصر الحديثة في تطوير البنية التحتية للطاقة، وحرصها على بناء شبكات ربط عابرة للحدود تعزز من أمن الطاقة، وتدعم جهود التنمية المستدامة إقليميًا.
ويمثل هذا المشروع بداية لمنظومة أوسع من التعاون العربي في مجال الكهرباء، حيث تستعد مصر لربط شبكاتها بدول مثل السودان وليبيا والأردن وقبرص واليونان، في إطار رؤية استراتيجية لجعل مصر محورًا للطاقة في العالم العربي وأفريقيا وأوروبا.
ومن المنتظر أن يسهم الربط الكهربائي مع السعودية في دعم استراتيجية التصدير الكهربائي التي تتبناها الدولة المصرية، بما يحقق عوائد اقتصادية ويعزز من موقع مصر التنافسي على خارطة الطاقة العالمية.
وبهذا، فإن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية ليس مجرد تعاون ثنائي، بل هو نواة لشبكة عربية موحدة، تمهد الطريق لمستقبل متكامل وآمن للطاقة في المنطقة.