بقلم : د . محمد جمال الدين
تُعد التربية خبرة إنسانية، والعملية التربوية هى نقل الخبرات الإنسانية إلى الجيل الجديد، فإن فلسفة التربية هى تطبيق تلك الخبرة، ففلسفة التربية تعمل على نقد العملية التربوية وتعديلها، والعمل على إتساقها وتوضيحها، حتى تتلاءم هذه الخبرة مع الحياة المعاصرة، وعليه فمسرح الأطفال يهدف بالأساس إلى تحقيق العديد من الأهداف التربوية، التى تسعى إلى تحقيق النمو المتكامل للطفل، وذلك يعنى أن فلسفة التربية تهتم بدراسة مسرح الطفل كأحد أهم ميادين الخبرة الإنسانية، لأن ذلك يساعد على فهم العملية التربوية وتعديلها بطريقة أفضل وأكثر عمقًا، وتساعد على إقتراح خطوط جديدة للنمو الشامل للفرد.
التعلم فى نظر الفلسفة المثالية نشاط عقلى صرف، يقوم فيه العقل بالمقارنة والإستنتاج وتوليد المعانى الجديدة بما لديه من معان وخبرات سابقة، حيث يرتب بعضها ترتيبًا معينًا فيصل إلى نتيجة معينة، كما تؤكد الفلسفة المثالية على ضرورة الإهتمام بتنمية قدرة العقل على التأمل وتشجيعه على التفكير الناقد، وعليه فإن مسرح الطفل يهدف لتحقيق العديد من الأهداف التربوية، التى تسعى إلى النمو العقلى والخلقى أو الروحى، وذلك يعنى أن فلسفة التربية المثالية تهتم بدراسة مسرح الطفل، لان ذلك يساعد على البناء والنمو المتكامل للطفل، من خلال قدرة مسرح الطفل على تنمية قدرات العقل، وكذلك التفكير الناقد لدى الطفل .
التربية فى هذه الفلسفة ما هى إلا مساعدة الإنسان ليتكيف مع بيئته، وحتى يتم هذا التكيف فإن على الطفل أن يفهم العالم الذى يعيش فيه، ولذلك ترى الفلسفة الواقعية ضرورة الإهتمام بالتجريب والإكتشاف من خلال الأنشطة التربوية، وعليه فالفلسفة الواقعية للتربية تهتم بمسرح الطفل كأحد أهم الأنشطة التربوية التى تنمى العقل أولًا، وتنمى أيضًا لدى الطفل روح الإكتشاف والتجريب، علاوة على التكيف مع بيئته ومجتمعه .
وأساس التعليم فى نظر الفلسفة الطبيعية هو الخبرة المباشرة للطفل من خلال إحتكاكه بالطبيعة وعناصرها، كما ترى الفلسفة الطبيعية أن التربية تؤمن بأهمية إشتراك الأطفال فى فترات من التدريب وإكتساب الخبرة، ففى ذلك تربية إستقلالية، فالإهتمام يجب أن يكون بالطفل وتنمية رغباته، وعليه فإن مسرح الطفل يهدف إلى الإهتمام بنقل الخبرة المباشرة للطفل، ويقدم له العديد من فترات التدريب وإكتساب الخبرات، التى تسعى إلى تحقيق النمو المتكامل للطفل، وعليه فإن ذلك يعنى أن الفلسفة الطبيعية للتربية تهتم بدور مسرح الطفل فى التربية، كأحد أهم ميادين الخبرة الإنسانية .
يعد النشاط المبنى على الحرية، هو المبدأ الذى دعا إليه (جون ديوى)، حيث أشار إلى أن الطفل لديه ملكات غريزية ينبغى أن تتاح لها فرص النمو والتطور إلى أقصى حدود إمكانياتها، وقد اهتمت فلسفة (جون ديوى) (البراجماتية) بالنشاط العقلى الحر، فهو يمثل القيمة التربوية عن طريق الخبرة التى يكتسبها الأطفال، ومن ثم يتضح اهتمام الفلسفة (البراجماتية) للتربية، بمسرح الطفل كأحد أهم الأنشطة التربوية، إذ يراعى مسرح الطفل النشاط العقلى الحر، والفروق الفردية بين الأطفال فى ملكاتهم الغريزية، وقدراتهم العقلية وسماتهم الشخصية، فى جو فنى يقوم على التعاون والشورى، ويحقق الأهداف التربوية المرجوة من النمو المتكامل للأطفال .
وقد قامت الفلسفة الإسلامية معتمدة على القرآن الكريم والسنة النبوية، بالإضافة إلى الإهتمام بالفروق الفردية بين الأطفال وميولهم وإهتماماتهم، إذ أن منهج التربية الإسلامية منهج عبادة وفكر وعمل، وقد راعت التربية الإسلامية الأطفال منذ ولادتهم، واهتمت بالأنشطة التربوية التى تنمى القدرات العقلية والمهارات الجسمية لديهم، وعليه فإن الفلسفة الإسلامية تؤمن بمبدأ الفروق الفردية بين الأطفال، وتراعى ميولهم واهتماماتهم، وأنها تتضمن أنشطة تربوية ذات أهداف تربوية، تؤدى إلى تدريب العقل من ناحية، وتنمية الحواس من ناحية أخرى، وبذلك يتحقق التكامل فى العملية التربوية، ويتم تحقيق الأهداف التربوية المنشودة من النمو المتكامل والشامل للطفل، وهى نفس الأهداف التى يسعى مسرح الطفل إلى تحقيقها، إذ تلتقى النظرة الإسلامية للتربية ومسرح الطفل فى العديد من المقاصد والأهداف التربوية التى تسعى إلى تحقيق النمو المتكامل والشامل للطفل، حيث يلتقيان فى سعى كلا منهما إلى تدريب العقل وتنمية الحواس، ومراعاة الفروق الفردية والميول والإهتمامات بين الأطفال، بقصدية تحقيق الأهداف التربوية المنشودة من نمو كامل وشامل للطفل، بل يجمعها هدف شامل هو، إنسان جديد لمجتمع جديد، إنسان متكامل الشخصية يعيش فى مستوى عصره.
وعليه فمسرح الطفل له أثر كبير أيضًا على على تنمية الوعى الوطنى لدى الطفل، لدوره البارز فى إحياء التراث، والإعتزاز بالوطن وتاريخه، وفهم صحيح الأديان، وتشكيل الوعى بالقضايا المتعددة، وخلق مواطن قادر على مواجهة العالم المتغير من حوله، فى كافة جوانب الحياة، والمؤمن بتراثه، وبقيمه الأصيلة، ورسالته الحضارية .