كتبت بوسي عواد
في خطوة تشريعية تاريخية طال انتظارها، كشف مشروع قانون جديد، أعدّته الحكومة وأحاله مجلس النواب إلى اللجنة المشتركة من لجنة الإسكان والمرافق العامة والتعمير ومكتبي لجنتي الإدارة المحلية والشئون الدستورية والتشريعية، عن ملامح خطة متكاملة لإنهاء نظام الإيجار القديم تدريجيًا، والتحول الكامل إلى عقود إيجارية تخضع لأحكام القانون المدني وفقًا لإرادة طرفي العلاقة: المؤجر والمستأجر.
ووفقًا لمشروع القانون، الذي تمت مناقشته خلال الجلسة العامة للبرلمان المنعقدة في 16 يونيو 2025، فإن العلاقة الإيجارية ستُحرر بشكل نهائي عقب انتهاء فترة انتقالية محددة، لتنتهي بذلك الحقبة الاستثنائية التي امتدت لعقود طويلة وأثارت جدلاً اجتماعيًا واقتصاديًا واسعًا.
نص مشروع القانون على منح فترة انتقالية مدروسة لتخفيف حدة الانتقال من النظام القديم إلى النظام المدني الحر. وتم تحديد هذه الفترة بـ7 سنوات للأماكن المؤجرة لغرض السكنى، و5 سنوات للأماكن المؤجرة للأشخاص الطبيعيين لغير غرض السكنى، على أن يلتزم المستأجر بعد انتهاء هذه المدة بإخلاء الوحدة المؤجرة وردّها إلى المالك دون الحاجة إلى دعاوى قضائية معقدة.
ضمن بنود القانون أيضًا، أقر المشروع زيادات قانونية تدريجية في القيمة الإيجارية للمساكن القديمة بهدف تصحيح التشوهات الاقتصادية الناتجة عن تدني القيمة الحالية. وتشمل الزيادات المقترحة:
عشرين ضعفًا للقيمة القانونية الحالية في المناطق المتميزة، بحد أدنى 1000 جنيه.
عشرة أضعاف في المناطق المتوسطة، بحد أدنى 400 جنيه.
حد أدنى 250 جنيهًا في المناطق الاقتصادية.
خمسة أضعاف القيمة الحالية للأماكن غير السكنية المؤجرة للأشخاص الطبيعيين.
ولضمان تطبيق مرن ومتوازن، تم اعتماد زيادة سنوية دورية بنسبة 15% خلال فترة الانتقال، سواء للأغراض السكنية أو غير السكنية.
ولضمان العدالة في تحديد القيمة الإيجارية، أعلن القانون تشكيل لجان محلية متخصصة في كل محافظة، تعمل على تصنيف المناطق إلى “متميزة” و”متوسطة” و”اقتصادية” بناءً على معايير دقيقة تشمل الموقع، البنية التحتية، المرافق، جودة الطرق، وتوافر الخدمات الصحية والتعليمية. ومن المقرر أن تنتهي هذه اللجان من عملها خلال 3 أشهر من بدء تطبيق القانون، لتصبح توصياتها أساسًا علميًا لتحديد القيم الإيجارية الجديدة.
ينهي مشروع القانون العمل بجميع قوانين الإيجار القديمة بانقضاء الفترة الانتقالية، لتخضع العلاقة الإيجارية بأكملها لأحكام القانون المدني. وبذلك، تُعقد العقود الجديدة بناءً على التفاهم والتراضي، مع ضمان توازن واضح بين حقوق المالك واحتياجات المستأجر.
يمثل هذا المشروع منعطفًا تشريعيًا بالغ الأهمية في ملف “الإيجارات القديمة”، ويعيد رسم المشهد العقاري في مصر بما يحقق العدالة لكافة الأطراف، ويعزز مناخ الاستثمار العقاري، ويعالج واحدة من أطول الأزمات الاجتماعية تعقيدًا في تاريخ التشريعات المصرية.
.