كتبت منةالله
في ظاهرة فلكية فريدة تتكرر سنويًا، شهدت معابد الكرنك بمدينة الأقصر، اليوم السبت، تعامد شمس الظهيرة على معبدي الملك رمسيس الثالث والإله بتاح، معلنة بذلك الانقلاب الصيفي وبداية فصل الصيف وفقًا للحسابات الفلكية التي أرساها المصريون القدماء بدقة مذهلة.
وأكد أيمن أبو زيد، رئيس الجمعية المصرية للتنمية السياحية والأثرية، أن الظاهرة تتزامن مع ذروة الانقلاب الصيفي، حيث تسطع أشعة الشمس بشكل عمودي تمامًا، بزاوية 90 درجة، لتضيء الغرف المقدسة داخل المعبدين، في مشهد يربط بين عبقرية الهندسة المعمارية الفرعونية وعلوم الفلك القديمة.
وأوضح أبو زيد أن معابد الكرنك لم تُشيد بشكل عشوائي، بل خضعت لتخطيط معماري دقيق يتماشى مع حركة الشمس والفصول الأربعة، مما مكّن المصري القديم من تحديد بدايات الفصول والمواسم الزراعية والأعياد الدينية بدقة شديدة، عن طريق تتبع مسار الضوء والظل.
وأضاف أن فصل الصيف الذي يبدأ مع تعامد الشمس اليوم، يشهد زيادة في عدد ساعات النهار على حساب الليل، ما كان له دلالة روحية وزراعية كبيرة في التقويم المصري القديم، حيث كانت تلك العلامة إيذانًا بموسم جديد من العمل الزراعي والتقرب من الآلهة في الطقوس الشمسية.
وأشار الباحث إلى أنه أجرى عدة دراسات فلكية موسعة داخل مجمع معابد الكرنك، توصل من خلالها إلى ربط واضح بين المواقع الإنشائية لبعض المعابد والظواهر الفلكية الهامة، خاصة الاعتدالين والانقلابين الصيفي والشتوي، ما يعزز نظرية “الهندسة الضوئية المقدسة” في الحضارة المصرية القديمة.
كما نوّه أبو زيد إلى أهمية توثيق تلك الظواهر النادرة والترويج لها سياحيًا، مؤكدًا أن التعامد يُعد بمثابة عرض سماوي سنوي يروي للعالم قصة حضارة ربطت بين الإنسان والكون في توافق فريد لا يزال يُبهر العلماء حتى يومنا هذا.