كتبت بوسي عواد
في اتصال هاتفي استثنائي يعكس الدور المتصاعد للدبلوماسية المصرية، أجرى السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، صباح اليوم، مكالمة هاتفية مع الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، تناولت آخر مستجدات المشهد الإقليمي، لا سيّما التصعيد الأخير بين إيران وإسرائيل، والاعتداء الإيراني الأخير على دولة قطر الشقيقة.
وقد صرّح السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن الرئيس السيسي عبّر خلال الاتصال عن رفض مصر القاطع للهجوم الصاروخي الإيراني الذي استهدف الأراضي القطرية، مؤكدًا إدانة القاهرة الثابتة لأي أعمال تمس سيادة الدول، وخصوصًا الدول العربية والإسلامية.
أكد الرئيس المصري أن سلامة وسيادة الدول خط أحمر، وشدد على أن المنطقة لا تحتمل مزيدًا من التوتر والاشتباك، خاصة في ظل الأوضاع الدقيقة التي تمر بها العديد من الدول العربية. وأشار إلى أن مصر ترفض أي ممارسات أحادية الجانب، أو أي تدخلات خارجية قد تفاقم الأزمات في الشرق الأوسط.
وفي تطور لافت، رحّب الرئيس السيسي بالإعلان عن التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، واصفًا الاتفاق بـ”الخطوة الضرورية لتفادي فوضى إقليمية شاملة”، وشدد على ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار وضمان الالتزام الكامل به من قبل الطرفين.
كما أوضح الرئيس المصري أن التوترات الأخيرة كادت أن تزج بالمنطقة في أتون صراع موسّع، وأن التحرك السريع لاحتواء التصعيد كان نتاج جهود دبلوماسية كبيرة، خاصة من الجانب المصري الذي كثّف اتصالاته مع كافة الأطراف المعنية خلال الأيام الماضية.
وخلال الاتصال، استعرض الرئيس السيسي الجهود المكثفة التي بذلتها مصر في الأيام الأخيرة بالتنسيق مع شركاء دوليين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية، بهدف نزع فتيل الأزمة وتوفير أرضية لتهدئة شاملة.
وأكد السيسي أن مصر ستواصل مساعيها الدبلوماسية من أجل دعم الاستقرار الإقليمي، ومساندة الحلول السياسية القائمة على احترام سيادة الدول والامتناع عن استخدام العنف كوسيلة لتصفية الحسابات.
لم يقتصر الاتصال على الوضع الأمني فحسب، بل تناول أيضًا مستقبل البرنامج النووي الإيراني، حيث أجمع الرئيسان على ضرورة استئناف المفاوضات بين طهران وواشنطن في أقرب وقت، وعلى أسس شفافة تضمن:
معالجة الشواغل الإقليمية والدولية بشأن عدم الانتشار النووي.
الدفع نحو إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط.
مراعاة هواجس دول الجوار، واحترام مبدأ حسن الجوار وعدم التصعيد.
أبرز ما ميّز المكالمة كان التوافق الكامل على ضرورة الدفع باتجاه الحلول السياسية الشاملة بدلًا من الخيار العسكري، حيث اتفق الرئيسان على أن المرحلة الراهنة تفرض مسؤولية مضاعفة على القيادات الإقليمية لتفادي الانزلاق إلى مواجهات جديدة، وتغليب لغة الحوار على لغة الصواريخ.
وشدد الرئيس السيسي على أن الأمن الإقليمي لا يمكن أن يتحقق من دون تعاون جماعي وتبادل الثقة، داعيًا إلى إعادة بناء منظومة إقليمية تستند إلى القانون الدولي ومبادئ الأمم المتحدة.
من جانبه، عبّر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان عن بالغ تقديره للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، مثمنًا الدور المصري المسؤول والمعتدل في التعامل مع الأزمة الأخيرة.
وأكد بزشكيان أن إيران تضع أهمية كبيرة على العلاقات مع مصر، واصفًا القاهرة بـ”اللاعب المحوري” في ضمان أمن واستقرار الشرق الأوسط. كما أعرب عن استعداد بلاده لمواصلة التنسيق مع مصر في القضايا الإقليمية والدولية.
يمثل هذا الاتصال تأكيدًا جديدًا لمكانة مصر كقوة إقليمية فاعلة، ووسيط رئيس في معادلة الأمن الإقليمي. كما يعكس انخراط القاهرة العميق في صوغ الحلول السياسية للنزاعات الإقليمية، والتزامها الثابت بسيادة الدول وسلامة أراضيها، خاصة في الأوقات التي تشهد تقلبات استراتيجية متسارعة.
ويُنتظر أن تترجم هذه المحادثة إلى تحركات دبلوماسية إضافية خلال الأيام المقبلة، سواء عبر الأمم المتحدة أو من خلال تنسيقات مباشرة بين مصر والدول الكبرى، لإعادة ضبط العلاقات الإيرانية الإسرائيلية، ودعم استئناف المفاوضات النووية.