كتبت بوسي عواد
في اتصال هاتفي حمل رسائل واضحة وموثوقة من القاهرة إلى طهران، رحّب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالإعلان عن التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، في خطوة اعتبرها ضرورية لإنهاء دوامة العنف التي كادت أن تُغرق المنطقة في حالة من الفوضى الواسعة.
وجاء ذلك خلال اتصال رسمي أجراه الرئيس السيسي مع نظيره الإيراني مسعود بزشكيان، بحسب ما أفاد به السفير محمد الشناوي، المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، والذي أكد في بيان له أن الرئيس المصري شدد على ضرورة تثبيت اتفاق التهدئة وضمان الالتزام به من جميع الأطراف.
الرئيس السيسي أشار خلال الاتصال إلى أن وقف إطلاق النار لا يُعد فقط خطوة للتهدئة العسكرية، بل مقدمة ضرورية لإطلاق مسارات سياسية مستقرة تعالج جذور الأزمات الإقليمية، مؤكدًا أن مصر كانت ولا تزال داعمًا رئيسيًا لأي جهد يحفظ استقرار المنطقة وسلامة شعوبها.
وشدد السيد الرئيس على أن المشهد الإقليمي في الأسابيع الماضية كان مهيأً للانزلاق نحو صراع شامل بين قوى إقليمية كبرى، وأن أي تصعيد جديد سيكون له ثمن باهظ يدفعه الجميع، مضيفًا: “ما تحتاجه المنطقة اليوم هو التهدئة والحلول السياسية، لا التصعيد أو المواجهة.”
وفي ملف آخر بالغ الأهمية، أعرب الرئيس عبد الفتاح السيسي عن رفض مصر القاطع للهجوم الصاروخي الإيراني الذي استهدف دولة قطر الشقيقة مؤخرًا، مؤكدًا أن مثل هذه الاعتداءات تمثل انتهاكًا صارخًا لسيادة الدول العربية، ومصر لا يمكن أن تقبل أو تتغاضى عن أي مساس بسيادة الأشقاء في المنطقة.
وأضاف المتحدث الرسمي أن الرئيس المصري أبلغ نظيره الإيراني بضرورة احترام مبادئ حسن الجوار وعدم التدخل في شؤون الآخرين، مع الالتزام الصارم بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
وفي سياق المكالمة، استعرض الرئيس السيسي جهود مصر خلال الأيام الماضية للتواصل مع كافة الأطراف الدولية الفاعلة، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية، بهدف احتواء التوتر والتصعيد بين طهران وتل أبيب.
وأكد السيسي أن مصر لا تدخر جهدًا في الدفع نحو التهدئة، وقد تحركت دبلوماسيًا بفعالية لمنع انفجار إقليمي، مشيرًا إلى أن سياسة القاهرة تقوم على التوازن والانحياز الكامل إلى الحلول السلمية.
اتفق الرئيسان المصري والإيراني خلال الاتصال على أن المرحلة الحالية تتطلب تبنّي مقاربات سياسية شاملة، تأخذ في الحسبان الجوانب الأمنية، والاقتصادية، والإنسانية للصراع في الشرق الأوسط.
وأكدا أن أي تحرك عسكري منفرد لن يحل الأزمات بل سيزيدها تعقيدًا، وأن الأولوية الآن يجب أن تُمنح لاستئناف المفاوضات الدولية بشأن الملفات العالقة، بما في ذلك البرنامج النووي الإيراني.
من أبرز النقاط التي طُرحت خلال الاتصال، أهمية استئناف المفاوضات النووية بين واشنطن وطهران. فقد شدد الرئيس السيسي على أن استعادة الثقة بين الأطراف المعنية تمر عبر شفافيات كاملة وضمانات ملزمة لمنع الانتشار النووي، وذلك ضمن إطار إقليمي يسعى إلى إقامة منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط.
من جانبه، أعرب الرئيس مسعود بزشكيان عن تقديره الكبير للموقف المصري الذي وصفه بـ”المتزن”، مشيدًا بدور القاهرة المتنامي في تعزيز الاستقرار الإقليمي، وقال إن مصر تُثبت دائمًا أنها ركيزة الأمن العربي وصوت العقل في لحظات الخطر.
وأضاف بزشكيان أن إيران ترحب بالتنسيق مع مصر في ملفات إقليمية حساسة، وترى في القاهرة شريكًا موثوقًا في جهود تخفيف التوتر وإعادة ترتيب البيت الإقليمي.
الاتصال بين الرئيس السيسي والرئيس الإيراني يأتي في توقيت حساس يفرض على الدول الإقليمية التحرك العاقل والمسؤول، ويؤكد مجددًا أن مصر تقف في طليعة القوى الإقليمية الداعية للسلام والاستقرار ورفض التدخلات الخارجية.
كما يضع هذا الاتصال إطارًا عمليًا لتعاون مصري-إيراني مشروط بضبط السلوك الإقليمي واحترام السيادة، ويُبرز من جديد مكانة القاهرة كقوة دبلوماسية مركزية في الشرق الأوسط.