كتب مصطفى قطب
في تطور جديد يعكس تعقيد المشهد النووي الإيراني وتصاعد التوترات الجيوسياسية في المنطقة، أفادت قناة “القاهرة الإخبارية” نقلاً عن الكرملين، بأن قرار البرلمان الإيراني تعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية يأتي كرد فعل مباشر على الهجوم غير المبرر الذي تعرّضت له طهران مؤخرًا.
وأكد الكرملين أن هذا التحرك الإيراني ليس سوى نتيجة حتمية لضغط خارجي عدائي ومتصاعد، محذّرًا من أن استمرار هذا النهج التصعيدي من جانب بعض القوى الدولية قد يؤدي إلى نسف ما تبقى من آليات الرقابة الدولية على الأنشطة النووية في المنطقة.
وصف المسؤولون في الكرملين، في تصريحاتهم، الهجمات الأمريكية والإسرائيلية الأخيرة على منشآت نووية داخل إيران بأنها “غير مبررة” وتشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، محذرين من أن تداعياتها قد لا تتوقف عند حدود إيران فحسب، بل ستمتد لتؤثر على استقرار النظام العالمي للرقابة النووية.
وقال بيان الكرملين:
“ما جرى من تصعيد عسكري ضد منشآت إيرانية تحت رقابة الوكالة الذرية، قوض ثقة طهران في حيادية النظام الدولي، ومن الطبيعي أن نرى ردودًا مثل تجميد التعاون”.
في سابقة خطيرة، أشار الكرملين إلى أن سمعة الوكالة الدولية للطاقة الذرية قد تعرضت لضرر بالغ بسبب فشلها في منع الهجمات أو حتى إدانتها بوضوح، ما يضع علامات استفهام حول دورها الحقيقي كمؤسسة رقابية مستقلة.
وأضاف البيان الروسي أن:
“عندما تفشل المنظمات الدولية في حماية منشآت تحت رقابتها، فإنها تفقد بشكل تلقائي ثقة الدول الأعضاء، وتتحول من مظلة حيادية إلى طرف غير موثوق فيه.”
ورداً على تقييمات الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب التي وصف فيها الضربات على إيران بـ”المدمرة والناجحة”، أكد الكرملين أنه لا توجد بيانات واقعية يمكن الاعتماد عليها حتى الآن، وأن الأمر لا يزال في مراحله المبكرة للتقييم.
وقال أحد مسؤولي الكرملين:
“التهليل السياسي لا يصنع الحقائق. الحديث عن نجاح أو فشل العمليات العسكرية يجب أن يكون مدعومًا بمعطيات ميدانية، وهي غير متاحة حتى اللحظة.”
في ختام تصريحاته، دعا الكرملين المجتمع الدولي إلى وقف سياسة الإملاءات والتدخلات العسكرية، والعودة إلى منهج الحوار البناء بين جميع الأطراف، خاصة فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني.
كما أكّد أن روسيا مستعدة للعب دور وساطة جديد إذا ما توفرت النية لدى الأطراف المعنية، مشددًا على أن المنطقة لا تحتمل مزيدًا من التصعيد.
يبقى السؤال الأهم الآن: ما هو مستقبل الاتفاق النووي الإيراني بعد هذه التطورات؟ وهل ستتمكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية من استعادة ثقة طهران، أم أن قرار التعليق سيكون بوابة لخروج إيران النهائي من إطار الرقابة الدولية؟
يبدو أن الأيام المقبلة ستكون حاسمة، وسط تشابك دولي معقد وتداخل استراتيجي بين إيران، إسرائيل، أمريكا، وروسيا، ما يجعل الأزمة النووية الإيرانية قضية إقليمية بمضامين عالمية خطيرة.
.