كتب سيد بدران
في مشهد مأساوي هزّ وجدان الشارع المصري، استيقظت محافظة المنوفية على واحدة من أبشع حوادث الطرق التي راحت ضحيتها 18 فتاة في عمر الزهور وسائق ميكروباص، حين اصطدمت مركبتهم صباح أمس بسيارة نقل ثقيل يقودها سائق تحت تأثير المخدرات على الطريق الإقليمي بمركز أشمون.
أكدت التحاليل الطبية الرسمية التي أجريت للسائق المتهم، أن العينة المأخوذة منه جاءت إيجابية لوجود مواد مخدرة في جسده، وهو ما كشف حجم الاستهتار والإهمال المتعمد، وفتح الباب واسعًا أمام تساؤلات دامية: كم من الأرواح يجب أن تُزهق حتى يتم حسم ملف “السائق المتعاطي”؟
الحادث وقع عند منطقة الطريق الإقليمي بمحيط مركز أشمون، حيث كانت سيارة ميكروباص تُقل فتيات من قرى المحافظة في طريقهن إلى أعمالهن اليومية، باحثات عن لقمة عيش شريفة، قبل أن يصطدم بهن سائق النقل الثقيل بشكل عنيف، أنهى أحلامهن في لحظة قاتلة.
18 ضحية، وسائق، وأسر مفجوعة، ومستقبلات قُطعت قبل أن تبدأ.
تمكنت أجهزة الأمن بمحافظة المنوفية، بالتنسيق مع النيابة العامة، من ضبط السائق المتسبب في الحادث خلال ساعات قليلة، وتم إخضاعه لتحليل تعاطي المخدرات الذي أثبت تورطه بشكل مباشر في الحادث.
وبحسب مصادر أمنية، فإن السائق أقرّ خلال التحقيقات بتعاطيه مواد مخدرة قبل الحادث بفترة قصيرة، مما جعله فاقدًا للتركيز والسيطرة على مركبته.
في التحقيقات الأولية، اعترف السائق بتفاصيل قيادته المتهورة تحت تأثير المخدر، معترفًا بعدم إدراكه لما حدث إلا بعد لحظات من الاصطدام. شهادته زادت من حجم الغضب الشعبي، حيث رأى كثيرون أن ما حدث لا يمكن وصفه بـ”حادث”، بل هو جريمة مكتملة الأركان.
شهدت قرى محافظة المنوفية، وخاصة القرى التي تنتمي إليها الضحايا، حالة من الحداد العام، وتحولت بيوت العزاء إلى ساحات بكاء جماعي، وسط تساؤلات الأهالي:
“بناتنا ماتوا ليه؟ عشان واحد استسهل سُكرة على حساب 18 روح؟”
عدد من الأهالي طالبوا بتشديد الرقابة على السائقين، خاصة في سيارات النقل الثقيل، وإجراء تحاليل دورية إلزامية قبل تسليم تراخيص القيادة.
في ضوء الواقعة، ارتفعت الأصوات المطالبة بـ:
محاسبة السائق محاسبة جنائية صارمة.
تعديل تشريعات المرور لتشمل تحاليل مخدرات دورية للسائقين.
الرقابة على ساعات القيادة والاستراحات الإلزامية.
تشديد إجراءات الفحص عند نقاط التفتيش.
ما حدث على الطريق الإقليمي بالمنوفية ليس حادثًا فرديًا، بل ناقوس خطر يدق بعنف في وجه الجميع. قضية “السائق المتعاطي” أصبحت خطرًا يهدد كل بيت، وكل شارع، وكل طريق.
المجتمع بأسره، من الأجهزة التنفيذية إلى الأسر، مدعو لإعادة النظر في ثقافة القيادة، وضرورة الدمج بين التشريع والردع والتوعية.
18 زهرة ذهبن ضحية الإهمال واللامسؤولية.
18 حلمًا انتهى لأن سائقًا قرر أن يتعاطى المخدر ويصعد خلف عجلة القيادة.
لكن الأهم: ألا تنتهي القضية عند هذا الحد.
فلنجعل من دماء الأبرياء بداية لتغيير حقيقي، وقوانين تُنقذ ما تبقى من الأرواح.