كتب مصطفى قطب
في موقف لافت يسلّط الضوء على التوتر المتصاعد بين قطاعات الابتكار وصنّاع القرار في واشنطن، انتقد الملياردير الأمريكي إيلون ماسك بشدة النسخة الأخيرة من مشروع قانون خفض الإنفاق الحكومي، قبل طرحه للتصويت في مجلس الشيوخ الأمريكي، محذرًا من تداعيات اقتصادية واستراتيجية وصفها بـ”المدمرة”.
وكتب ماسك، مؤسس شركتي تسلا وسبيس إكس، على منصته “إكس” (تويتر سابقًا):
“مشروع قانون مجلس الشيوخ الأخير سيدمر ملايين الوظائف في أمريكا، وسيسبب ضررًا استراتيجيًا هائلًا لبلدنا. هذا جنوني ومدمر تمامًا.”
وأوضح أن القانون يُكرّس امتيازات لصناعات قديمة تقليدية، على حساب الصناعات المستقبلية ذات القيمة العالية، التي تمثل ركيزة الاقتصاد الحديث.
وأضاف ماسك في منشور لاحق:
“استطلاعات الرأي تشير إلى أن تمرير هذا القانون سيكون بمثابة انتحار سياسي للحزب الجمهوري.”
وهي رسالة مباشرة تحمل تحذيرًا سياسيًا لجناح الحزب الذي يقود المشروع، ويعكس مخاوف واسعة من آثار القانون على الاقتصاد الأمريكي، خاصة في قطاع التكنولوجيا والابتكار.
ويأتي هذا الهجوم في وقت حرج، إذ يستعد مجلس الشيوخ الأمريكي للتصويت على النسخة المعدّلة من مشروع قانون الرئيس الأسبق دونالد ترامب، الذي يهدف إلى خفض الضرائب والإنفاق الحكومي، ويعيد تمديد التخفيضات الضريبية التي أُقرت عام 2017، والتي شكّلت حينها أبرز إنجازات ترامب الاقتصادية في ولايته الأولى.
وتتضمن النسخة الجديدة من القانون بنودًا لخفض الضرائب بشكل إضافي، إلى جانب زيادة كبيرة في الإنفاق العسكري وأمن الحدود، في محاولة لتعزيز صورة الجمهوريين كحماة للأمن القومي والاقتصاد. لكن تقديرات المراقبين تشير إلى أن هذا التوجه قد يؤدي إلى إضافة ما يقرب من ثلاثة تريليونات دولار جديدة إلى الدين الحكومي، الذي تجاوز بالفعل حاجز 36.2 تريليون دولار.
وفي تصريحات مثيرة للقلق، أشار وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت إلى أن العجز الفيدرالي يتراوح حاليًا بين 6.8% و7% من الناتج المحلي الإجمالي، واصفًا الوضع المالي للبلاد بأنه “خارج عن السيطرة”، ما يعزز من حجم التحذيرات بشأن العواقب المحتملة على الاستقرار الاقتصادي الأمريكي.
يُذكر أن مشروع القانون يُمثل مفترق طرق سياسي واقتصادي حاد، حيث يحظى بدعم الجناح الجمهوري المحافظ، بينما يواجه انتقادات واسعة من قادة الأعمال والمحللين الاقتصاديين. ويأتي تدخل ماسك في هذا السياق ليعكس حجم التباعد بين رؤية وول ستريت ورؤية وادي السيليكون لمستقبل الاقتصاد الأمريكي.
ومن المتوقع أن تثير تصريحات ماسك موجة جديدة من الجدل، وربما تضغط على بعض أعضاء الكونغرس لإعادة تقييم موقفهم قبل التصويت النهائي. فهل يستمع صناع القرار إلى صوت روّاد التكنولوجيا، أم يُصوّت التاريخ مرة أخرى لصالح نماذج اقتصادية تُواجه تحديات الزمن؟