كتب مصطفى قطب
وسط تصاعد التوترات الإقليمية والاحتجاجات الداخلية في إسرائيل، كشفت وكالة الصحافة الفرنسية (أ ف ب) نقلًا عن مصدر فلسطيني مطّلع أن مفاوضات وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس تمر حاليًا بمرحلة تعثر حاد، بسبب إصرار الجانب الإسرائيلي على تقديم خريطة مفصلة لانسحاب قواته من قطاع غزة، وهو ما ترفضه حماس دون اتفاق متكامل.
ووفق ما بثته قناة القاهرة الإخبارية في نبأ عاجل، فإن إسرائيل تماطل في تقديم رؤية واضحة للانسحاب الكامل، خاصة من المناطق الشمالية والوسطى من القطاع، رغم الضغوط الدولية المتزايدة لإتمام اتفاق التهدئة.
وفي تطور داخلي لافت، صعّدت عائلات الإسرائيليين المحتجزين في غزة من لهجتها ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، متهمين إياه بـ”التسويف السياسي” واللعب على وتر الوقت لتحقيق مكاسب داخلية، في وقت تستمر فيه معاناة الرهائن وعائلاتهم منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023.
وبحسب وسائل إعلام عبرية، شهدت تل أبيب ومدن إسرائيلية أخرى مظاهرات حاشدة للمطالبة بسرعة التوصل إلى صفقة تبادل تضمن الإفراج عن الرهائن، وتوقف نزيف الحرب.
ورغم حالة الجمود، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي أن إسرائيل تقترب من التوصل إلى اتفاق مؤقت مع حركة حماس، يتضمن وقفًا لإطلاق النار لمدة 60 يومًا، إلى جانب إفراج تدريجي عن الرهائن.
لكن هذا الإعلان قوبل بتشكيك داخلي وخارجي، نظرًا للتناقض بين تصريحات نتنياهو، واستمرار تعنّت الوفد الإسرائيلي في المفاوضات بشأن ملف الانسحاب.
الملف الأكثر تعقيدًا في المفاوضات يتمثل في خريطة الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة. إذ تُصر حماس، بدعم من مصر وقطر، على ضرورة تقديم خريطة واضحة ومُلزمة لانسحاب شامل من القطاع، شرطًا أساسيًا قبل المضي قدمًا في أي تهدئة أو اتفاق تبادل.
لكن إسرائيل تتمسك بتأجيل هذه الخريطة إلى ما بعد التوصل لاتفاقات أمنية “صارمة”، مما يُطيل أمد التفاوض، ويُبقي الأوضاع على حافة انفجار جديد، خصوصًا في ظل غياب الثقة المتبادلة وغياب الضمانات الفعلية.
في ظل هذا المشهد المرتبك، تُواصل كل من الولايات المتحدة، ومصر، وقطر جهودها الدبلوماسية لحلحلة الأزمة، وسط تحذيرات من كارثة إنسانية في غزة إذا استمر التعثر، خاصة في ظل تدهور الأوضاع الصحية والمعيشية، وتأخر عمليات إعادة الإعمار.
وتُشير تقارير أممية إلى أن أكثر من 70% من سكان غزة باتوا يفتقرون لأبسط مقومات الحياة، وهو ما يُحتم ضرورة الإسراع في الوصول إلى اتفاق شامل ومستدام، بدلًا من التهدئة المؤقتة.
رغم اقتراب الأطراف من تفاهمات محدودة، تبقى خريطة الانسحاب الإسرائيلي هي العقدة الأهم التي تعرقل الوصول إلى اتفاق نهائي. وبين تعنّت سياسي وضغوط شعبية متزايدة، يبدو أن الحل لا يزال بعيدًا، بينما يبقى المدنيون في غزة ودولة الاحتلال هم الخاسر الأكبر في هذا المشهد المعقّد.