كتب مصطفى قطب
في خطوة أوروبية قد تكون غير مسبوقة لكنها تظل حبيسة الانقسامات، يبحث وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اليوم الثلاثاء، 15 يوليو، فرض سلسلة من الإجراءات ضد إسرائيل، ردًا على انتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان في قطاع غزة، التي أسفرت عن استشهاد أكثر من 58 ألف فلسطيني منذ أكتوبر الماضي، في حرب وصفتها الأمم المتحدة بالكارثية.
وجاءت تلك المناقشات عقب اقتراح تقدمت به كايا كالاس، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد، شمل 10 إجراءات عقابية محتملة ضد إسرائيل، بعد التأكيد الأوروبي على خرق تل أبيب لاتفاق التعاون مع الاتحاد بسبب انتهاك حقوق الإنسان.
وتضمنت المقترحات خطوات تصعيدية حاسمة أبرزها:
تعليق اتفاق التعاون مع إسرائيل بالكامل.
فرض قيود على العلاقات التجارية.
فرض عقوبات على وزراء في الحكومة الإسرائيلية.
حظر توريد الأسلحة لإسرائيل.
إلغاء نظام الإعفاء من التأشيرة للإسرائيليين إلى أوروبا.
ورغم تصاعد الغضب داخل أروقة القرار الأوروبي بسبب فظائع الحرب الإسرائيلية على غزة، إلا أن الانقسامات العميقة بين الدول الأعضاء لا تزال تقف حائلًا أمام اتخاذ قرارات حاسمة، خاصة مع وجود دول داعمة بقوة لإسرائيل في مقدمتها ألمانيا والمجر، مقابل دول أخرى أكثر ميلاً لدعم الحقوق الفلسطينية مثل إيرلندا وإسبانيا وبلجيكا.
وقالت كالاس:
> “طُلب مني تجهيز قائمة بالخيارات المتاحة أمام الدول الأعضاء، ولكن القرار النهائي سيتوقف على تقييم مدى التزام إسرائيل بتحسين وصول المساعدات إلى غزة”.
وفي هذا السياق، زعمت إسرائيل أنها اتفقت مع الاتحاد الأوروبي على فتح المزيد من المعابر وزيادة تدفق المساعدات الغذائية، وهو ما أكده جدعون ساعر وزير خارجية الاحتلال في لقاء مع كالاس، إلا أن الأخيرة اعترفت بأن ما يحدث على الأرض لا يزال غير كافٍ لإنهاء المأساة الإنسانية في القطاع.
وفي اجتماع بروكسل الذي ضم الاتحاد الأوروبي ودول الجوار، وصف وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي الوضع في غزة بأنه:
> “كارثي بكل ما تحمله الكلمة من معنى”، مؤكدًا أن الجهود الحالية لم تحقق تحسنًا حقيقيًا في معاناة مليوني فلسطيني محاصرين في القطاع تحت وطأة القصف والحصار.
ورغم تهديدات العقوبات، أبدى وزير الخارجية الإسرائيلي ثقة مفرطة في أن الاتحاد الأوروبي لن يجرؤ على اتخاذ أي تدبير عملي، قائلاً:
> “أنا واثق أن الدول الأعضاء لن تتبنى أياً من تلك الإجراءات، فلا مبرر لها من الأساس”.
حتى الآن، تظل تلك الخطوات الأوروبية مجرد نقاشات بلا قرارات فعلية، لكنها تعكس تصاعد التململ الأوروبي من استمرار المجازر الإسرائيلية في غزة، خاصة بعد فشل الهدنة وتجدد العدوان بوتيرة أشد ضراوة.
الجدير بالذكر أن الحرب في غزة اندلعت عقب هجوم حماس في 7 أكتوبر 2023، وما أعقبه من رد عسكري إسرائيلي دموي أودى بحياة أكثر من 58,386 فلسطينيًا وأصاب نحو 139 ألفًا آخرين، فيما لا تزال جثث عديدة تحت الأنقاض بسبب الحصار والقصف المتواصل.
يبقى السؤال: هل ينجح الاتحاد الأوروبي في كسر صمته وتحويل تهديداته إلى عقوبات عملية توقف آلة الحرب الإسرائيلية، أم تستمر المصالح والانحيازات في شل قراراته؟