الإثنين , يوليو 7 2025

القاتل الصامت.. حين يصمت الجسد حتى يسقط فجأة

بقلم: د/ مي غريب

أحيانًا لا يُرسل لنا الجسد استغاثة… لا وجع، لا تعب واضح، لا دوخة تُنذر، فقط صمت.

لكن خلف هذا الصمت، قاتل يتحرك بخطى هادئة، دقيقة، ومستقرة… حتى يضرب فجأة.

اسمه: ارتفاع ضغط الدم

وصفوه في الطب بـ”القاتل الصامت”، وأنا أصفه بـ”المُتخفي في زحام الحياة”،

لأنه ببساطة، يعيش معنا سنوات دون أن ننتبه له، يقتنص لحظات الإهمال، وينفجر في وقت لا نتوقعه.

ما هو ارتفاع ضغط الدم؟

هو خلل في قوة دفع الدم داخل الشرايين.

إذا زادت القوة عن الطبيعي، يبدأ القلب في العمل تحت ضغط زائد،

وتبدأ الأوعية الدموية في فقدان مرونتها، تمامًا مثل أنبوبة المياه القديمة حين يزداد ضغط الماء فيها فجأة.

لماذا يُسمى القاتل الصامت؟

لأنه لا يظهر مبكرًا بأعراض واضحة، ومعظم المصابين به لا يشعرون بأي شيء.

لكن في العمق، هو يُرهق القلب، يُجهد الكلى، يُضعف الدماغ، ويُمهّد الأرض لجلطة أو نزيف أو فشل كلوي.

قد يكون المريض شابًا، نشيطًا، لا يدخن، ولا يشعر بشيء…

لكن رقمًا واحدًا في قياس الضغط يكشف كل ما يحدث في صمت.

مضاعفاته إن تُرك دون علاج:

سكتة دماغية

نوبة قلبية

فشل كلوي

ضعف أو فقدان في البصر

تضخم عضلة القلب

نزيف في الدماغ أو الأوعية

موت مفاجئ

وهنا لا أبالغ، بل أتحدث بلغة الإحصاء، والواقع، وغرف الطوارئ.

من الأكثر عرضة؟

من لديهم تاريخ عائلي للمرض

مرضى السكري

أصحاب السمنة

من يتناولون طعامًا عالي الملح أو الدهون

المدخنون

من يعانون من التوتر الدائم

من لا يتحركون كفاية

لماذا لا ننتبه له؟

 

لأننا نظن دائمًا أن “الصحة هي عدم الإحساس بالتعب”، بينما الطب يقول:

“الصحة هي الأرقام السليمة، حتى لو لم تحس بشيء.”

نقيس السكر… فقط عندما نحس بدوخة.

نقيس الضغط… فقط عندما يصيبنا صداع.

ننتبه للقلب… فقط عندما تؤلمنا صدورنا.

وننسى أن الوقاية، هي فعل الأذكياء… لا رد فعل الخائفين.

كيف نحمي أنفسنا من هذا القاتل الصامت؟

قياس ضغط الدم دوريًا، خصوصًا بعد سن الأربعين، أو لمن لديهم تاريخ عائلي.

تقليل ملح الطعام، وتجنّب المأكولات المحفوظة والمخللات.

الحركة اليومية، حتى لو كانت مشي نصف ساعة.

الابتعاد عن التوتر والانفعالات بقدر الإمكان.

النوم الكافي.

الابتعاد عن التدخين والمشروبات التي ترفع الضغط.

مراجعة الطبيب دوريًا، ولو مرة كل ٦ أشهر.

رسالة من القلب

الضغط المرتفع لا يقتل فجأة، بل يرهقك ببطء.

يأخذ من قلبك، ومن عينيك، ومن كليتيك… وأنت منشغل بالحياة.

لا تهمله، ولا تؤجّل الفحص، ولا تستهين بأن تراقب رقمًا صغيرًا، لأنه قد ينقذ حياتك.

واذكر دائمًا:

المرض الصامت لا يعني أنه بلا ضرر، بل يعني أنه بلا إنذار… إلا للواعي.

شاهد أيضاً

“بشعار «تبرعك بالدم حياة».. الصحة تطلق حملة قومية لإنقاذ الأرواح وتعزيز الوعي المجتمعي

كتب محمد نادر في خطوة تعكس التزام الدولة بتعزيز المشاركة المجتمعية وتحقيق الأمن الصحي الوطني، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *