بوسي عواد
في أعقاب الضربة العسكرية الإسرائيلية التي استهدفت مواقع نووية وعسكرية داخل إيران فجر الجمعة، فرضت السلطات الإيرانية حظرًا فوريًا على تطبيق “واتساب” وقيودًا واسعة النطاق على خدمات الإنترنت، في خطوة اعتبرها مراقبون محاولةً للسيطرة على تدفق المعلومات واحتواء موجة الغضب الشعبي المتصاعدة.
مع الساعات الأولى من صباح اليوم، أفادت تقارير تقنية وحقوقية بوجود اضطرابات حادة في خدمة الإنترنت في مختلف أنحاء إيران، شملت بطئًا شديدًا في التصفح، وانقطاعًا جزئيًا أو كليًا للاتصال بالشبكة، إلى جانب صعوبات في الوصول إلى مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات التراسل المشفرة.
ويأتي هذا الحظر على “واتساب” بعد أشهر قليلة فقط من رفع السلطات الإيرانية الحجب عنه في ديسمبر 2024، وهي الخطوة التي كانت آنذاك تهدف إلى تهدئة الاحتجاجات الداخلية وتخفيف القيود المفروضة على حرية التعبير.
لكن مع توجيه إسرائيل ضربة عسكرية وُصفت بأنها “استباقية” إلى العمق الإيراني، وعلى وقع مقتل قادة عسكريين بارزين، سارعت طهران إلى إعادة فرض الرقابة الإلكترونية المشددة، وسط تصاعد التوترات الأمنية والسياسية.
وكانت إسرائيل قد أعلنت، فجر الجمعة، عن تنفيذ عملية عسكرية واسعة النطاق أطلقت عليها اسم “قوة الأسد”، استهدفت مواقع حساسة داخل إيران، من بينها منشآت قريبة من العاصمة طهران.
ووفقًا لما أعلنته وزارة الدفاع الإسرائيلية، شاركت عشرات المقاتلات في الهجوم الذي وصفته تل أبيب بأنه “ضربة دقيقة واستباقية” تهدف إلى تحجيم البرنامج النووي الإيراني، مشيرة إلى وجود “تهديد وشيك”.
في الوقت الذي كان من المقرر فيه استئناف الجولة السادسة من المحادثات النووية بين طهران وواشنطن برعاية عمانية، جاءت هذه الضربة لتخلط الأوراق وتُحدث ارتباكًا دبلوماسيًا كبيرًا.
ويرى مراقبون أن الضربة الإسرائيلية لا تمثل فقط تهديدًا عسكريًا مباشرًا، بل تُعد أيضًا تحولًا خطيرًا في ديناميكية الصراع الإقليمي، قد يؤدي إلى إفشال الجهود الدولية لاحتواء الملف النووي الإيراني سلميًا.
مع تصاعد الغضب الشعبي داخل المدن الإيرانية، واستمرار المظاهرات المطالبة بالرد، تسعى السلطات من خلال حجب التطبيقات والتشويش على الإنترنت إلى كبح جماح السخط الداخلي، ومنع انتشار مقاطع الفيديو أو دعوات التظاهر.
لكن في ظل التقدم التكنولوجي واعتماد المعارضة على قنوات اتصال بديلة، يبدو من الصعب السيطرة الكاملة على المشهد المعلوماتي، ما يضع النظام الإيراني أمام تحديات أمنية وسياسية متداخلة ومعقدة.
فهل سيكون قطع الإنترنت حاجزًا حقيقيًا أمام موجة الغضب الإيرانية؟
أم أن الساعات المقبلة ستشهد مفاجآت ميدانية وسياسية تُعيد رسم خريطة المواجهة في المنطقة؟
الأيام القادمة وحدها تحمل الإجابة…