كتبت بوسي عواد
في ثلاث كلمات فقط، أثار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عاصفة من الجدل والتكهنات، بعد أن نشر عبر منصته “تروث سوشال” منشورًا مقتضبًا قال فيه: “إخلوا طهران فورًا!”، ما اعتبره مراقبون رسالة مشفّرة تحمل تهديدًا مباشرًا أو تحذيرًا مبطنًا بعمل عسكري وشيك، وسط تصاعد التوتر غير المسبوق بين إيران وإسرائيل.
وجاء منشور ترامب في وقت حساس، يتزامن مع ضربات جوية إسرائيلية مكثفة طالت مواقع إيرانية حساسة في طهران وأصفهان، وردود إيرانية بصواريخ وطائرات مسيرة استهدفت العمق الإسرائيلي، ما رفع منسوب القلق الإقليمي والدولي من احتمالات الانزلاق نحو مواجهة مفتوحة.
وفي أول تعليق رسمي، قال مسؤول رفيع في البيت الأبيض لشبكة CNN، إن ترامب كان يتلقى تقارير أمنية دقيقة من وزير الخارجية ماركو روبيو، بالتوازي مع حضوره قمة مجموعة السبع في كندا، مضيفًا أن “المنشور يُعبّر عن مدى الاستعجال الأمريكي في دفع إيران للعودة إلى طاولة المفاوضات”.
وأكد المسؤول أن واشنطن ترى في التصعيد الحالي فرصة لإعادة ترتيب قواعد اللعبة، مشيرًا إلى أن “ترامب لا يلوّح فقط بالقوة، بل يستخدم دبلوماسية الضغط العالي لتحقيق مكاسب استراتيجية في الملف النووي الإيراني”.
ولم يتوقف ترامب عند هذا الحد، بل أتبعه بمنشور ثانٍ قال فيه: “كان يجب على إيران أن توقع عندما طلبنا منها ذلك، يا لها من خسارة.. لا يمكن السماح لإيران بامتلاك سلاح نووي.”
تصريح بدا كأنه يُذكّر الإيرانيين بفرصة ضاعت، وبأن أي مماطلة جديدة قد تكون “مكلفة للغاية”، ما يعيد إلى الأذهان أسلوب ترامب المعتاد في “الردع الكلامي قبل التحرك العسكري”، أو ما يعرف في الأوساط الأمريكية بـ “دبلوماسية الحافة”.
وخلال لقائه مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر على هامش القمة، أعرب ترامب عن ثقته في أن إيران ستوقّع قريبًا على اتفاق جديد بشأن برنامجها النووي، وقال بوضوح: “بمجرد عودتي من القمة، سنتحرك”، ما فتح باب التكهنات حول مسارين متوازيين: التفاوض أو التصعيد.
وتعززت هذه الاحتمالات بعد أن كشف ترامب عن “إشارات إيجابية” وصلت من طهران تفيد برغبتها في العودة إلى المفاوضات، وإن كان تأخيرها قد يحمل في طياته “عواقب مؤلمة”، بحسب تعبيره.
يرى مراقبون أن المنشور المقتضب لترامب قد لا يكون مجرد انفعال، بل رسالة مُنسّقة ضمن استراتيجية متكاملة تهدف إلى كسر الجمود التفاوضي باستخدام التخويف المنضبط، خصوصًا في ظل تقارير عن وساطات أوروبية تحاول كبح التصعيد.
في المقابل، لم تُصدر طهران ردًا رسميًا حتى الآن، ما يعكس حالة من الحذر والترقب، بينما يواصل الإعلام الإيراني التقليل من أهمية التصريحات الأمريكية، في محاولة لتثبيت الموقف المحلي.
في ظل تسارع التطورات بين تل أبيب وطهران، يبدو أن منشور ترامب ليس مجرد جملة ثلاثية الصياغة، بل كلمة مفتاحية قد تُعيد تشكيل ملامح المرحلة المقبلة، سواء على طاولة المفاوضات أو من خلال قعقعة السلاح.