كتب مصطفى قطب
في خطوة عسكرية غير مسبوقة منذ عقود، نفذت الولايات المتحدة الأمريكية، مساء السبت الماضي، ضربة جوية دقيقة استهدفت أحد أهم أعمدة البرنامج النووي الإيراني، وذلك بأوامر مباشرة من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، في عملية تم التحضير لها سرًا وتنفيذها بخفة لا تُرى ولا تُردع.
بحسب تقرير نشرته صحيفة التلجراف البريطانية، جاء قرار ترامب بعد مشاورات قصيرة مع كبار مستشاريه العسكريين، إذ أمر بشن الضربة قبل الساعة السابعة مساءً بتوقيت واشنطن، على الرغم من تصريحاته السابقة التي تحدث فيها عن “مهلة أسبوعين قبل اتخاذ القرار”، في محاولة ذكية للتمويه وخداع أعين طهران.
ولم تكن هذه المرة كسابقاتها، فالرئيس الأمريكي الذي تراجع في اللحظات الأخيرة عن ضربة مماثلة عام 2019، مضى هذه المرة دون تردد، في رسالة صارمة إلى إيران مفادها أن “قواعد اللعبة تغيّرت”.
الضربة التي هزت منشأة “فوردو” النووية الإيرانية، لم تنطلق من أراضٍ قريبة، بل نفذتها قاذفات “بي-2” الشبحية الأمريكية، التي أقلعت من قاعدة “وايتمان” الجوية وظلت في الجو لأكثر من 37 ساعة متواصلة، دون أن تكتشفها الرادارات الإيرانية.
هذه القاذفات، المزودة بتقنيات التخفي المتطورة، ألقت 12 قنبلة خارقة للتحصينات من طراز GBU-57، استهدفت مداخل الأنفاق وفتحات التهوية في المنشأة النووية، ما أدى إلى تدمير الطبقات السفلية للموقع وإخراجه عن الخدمة لفترة غير معلومة.
رغم أن الضربة كانت عسكرية في ظاهرها، إلا أن ما وراءها كان أعقد بكثير. فوفقًا لمصادر أمنية تحدثت لـ”التلجراف”، فإن القرار جاء بعد تقارير استخباراتية أمريكية وإسرائيلية تؤكد اقتراب إيران من تجاوز العتبة الحرجة في تخصيب اليورانيوم.
الأمر الذي رآه ترامب تهديدًا مباشرًا لاستقرار المنطقة، فاختار التحرك قبل أن تتحول “فوردو” إلى نقطة اللاعودة.
عقب الضربة، حذّر ترامب طهران من أي تصعيد، مؤكدًا أن “الولايات المتحدة لن تتسامح مع أي محاولة لتطوير سلاح نووي”. كما شدد على أن واشنطن “ستواصل مراقبة تحركات إيران عن كثب”، وهو ما اعتُبر رسالة موجهة ليس فقط لطهران، بل أيضًا لحلفائها في موسكو وبكين.
رغم الصمت الإيراني الرسمي حيال تفاصيل الضربة، تسود حالة من القلق والترقّب في طهران، وسط تساؤلات حول إمكانية تكرار مثل هذه الهجمات مستقبلاً، وما إذا كانت هذه العملية بداية لمرحلة مواجهة أكثر جرأة بين واشنطن وطهران.
ويبقى السؤال الأبرز الآن: هل كانت الضربة مجرد تحذير، أم فاتحة لسلسلة من العمليات الأمريكية تحت قيادة ترامب، في حال عودته المرتقبة إلى البيت الأبيض في نوفمبر؟
.