بقلم : د . محمد جمال الدين
يُعد أ.د.(محمد أبو الخير) أحد أهم الأسماء البارزة في مجال مسرح الطفل المصري، وهو أستاذ أكاديمى، فهو أستاذ التمثيل والإخراج بالمعهد العالى للفنون المسرحية فى (أكاديمية الفنون)، وقد شغل مناصب هامة كمدير عام للمسرح القومي للأطفال، وعضو لجنة ثقافة الطفل بالمجلس الأعلى للثقافة، وقد أثرت رؤيته الإخراجية في العديد من العروض التي قدمت خلال فترة إدارته أو تحت إشرافه، ومنها مسرحية (الأم الخشبية) التى أخرجها للمسرح القومي للأطفال عام (1999)، وشارك بها في مهرجانات دولية لمسرح الطفل، مثل مهرجان (نيابوليس) الدولي لمسرح الطفل، ومهرجان (قرطاج) للمسرح في (تونس) عام (1999)، مما يدل على اهتمامه بتقديم أعمال ذات جودة عالية تتجاوز الحدود المحلية، ومسرحية (أحلام حصان) عام (1998)، ومسرحية (الكتاب معرفة وخيال) عام (2000)، وأوبريت (حلم المستقبل) عام (2001)، ومسرحية (لغز القمة الذهبية) عام (2002)، ومسرحية (عالم جديد) عام (2003)، ومسرحية (زيزو ديجيتال)، للمسرح القومي للأطفال عام (2002)، ومسرحية (سامر والطبق الطائر) لمسرح التليفزيون عام (2000)، ومسرحية (ليلى في الغابة) أيضًا لمسرح التليفزيون عام (2000).
يتميز (محمد أبو الخير) بعدة أدوار ومساهمات في مجال مسرح الطفل، منها الإشراف على مسرح الطفل، كونه كان مديرًا عامًا للمسرح القومي للأطفال، وكان له دور إشرافي كبير على العديد من العروض والأنشطة الموجهة للطفل خلال فترة إدارته من (1996 وحتى 2004)، كما أن له مؤلفات نظرية وعلمية قيمة في مجال مسرح الطفل والدراما التعليمية، مما يدل على عمق فهمه ورؤيته لهذا الفن، ومن هذه الكتب مسرح المشاركة للأطفال، ومسرح الأطفال بين الكلاسيكية والإنترنت، والدراما التعليمية، وله أيضًا قصص موجهة للأطفال مثل (صداقة الأسد والفأر)، و )الهدهد الذكى) وغيرها، كما أن هناك دورًا أكاديميًا كبيرًا لعبه (محمد أبو الخير) بصفته أستاذًا للإخراج المسرحي، يُسهم في تأهيل الأجيال الجديدة من المخرجين، وغالبًا ما تشمل دراساته وبحوثه جوانب من مسرح الطفل وتطوره، علاوة على المشاركة في الندوات والمؤتمرات، إذ يشارك باستمرار في الندوات والمؤتمرات المتعلقة بمسرح الطفل، ويقدم رؤاه وأفكاره حول كيفية تطويره، وربطه بالتكنولوجيا والقضايا المعاصرة، لذا يُنظر إلى (محمد أبو الخير) كشخصية مؤثرة ومرجعية في مجال مسرح الطفل، ليس فقط كـمخرج، بل كـمُنظر وكاتب وباحث يسعى لتطوير هذا الفن الهام.
يتميز (محمد أبو الخير) بعدة ملامح جمالية أساسية في منهجه الإخراجي لمسرح الطفل، لعل من أهمها المنهجية التربوية والفنية المتكاملة، إذ يعتبر د.(محمد أبو الخير) أن مسرح الطفل ليس مجرد ترفيه، بل هو أداة تربوية وتعليمية قوية، لذا تسعى أعماله لغرس القيم الأخلاقية والدينية والاجتماعية في نفوس الأطفال، وتنمية الوعي الثقافي لديهم، كما يؤمن (محمد أبو الخير) بأن الفن هو الوسيلة الأنجع لتحقيق الأهداف التربوية، لذا يحرص على تقديم عروض ذات مستوى فني رفيع تجمع بين الجودة الفنية والرسالة الهادفة، كما يركز على تفاعل الطفل ومشاركته، إذ يتبنى (محمد أبو الخير) أسلوبًا إخراجيًا يشجع على تفاعل الطفل مع العرض، ويكون ذلك من خلال توجيه أسئلة للجمهور، أو دعوتهم للمشاركة في بعض الأجزاء، أو حتى استخدام عناصر تسمح باللعب والتفاعل، حيث يُهدف (محمد أبو الخير) إلى جعل الطفل جزءًا من التجربة المسرحية، مما يعزز انتباهه وتركيزه، ويساهم في ترسيخ الرسائل المقدمة.
يدرك (محمد أبو الخير) أن حواس الطفل البصرية والسمعية في طور النمو، وبالتالي يعتمد على الألوان الزاهية، والديكورات المبتكرة، والإضاءة الجذابة، والملابس المبهجة لخلق عالم بصري ساحر يجذب انتباه الطفل، كما يدمج (محمد أبو الخير) الأغاني والموسيقى والرقصات بشكل فعال في عروضه، مما يضيف عنصرًا ترفيهيًا، ويعزز من القدرة على حفظ الرسائل، والمغزى من العرض، والأغاني فى عروضه غالبًا ما تحمل في طياتها معاني وهادفة بطريقة مبسطة.
يختار (محمد أبو الخير) نصوصًا ومفردات لغوية سهلة، ومناسبة للقدرات اللغوية والإدراكية للأطفال، بعيدًا عن التعقيد أو الغموض، كما تتناول أعماله موضوعات مختلفة تتناسب مع اهتمامات الطفل، مثل قصص الحيوانات، والحكايات الشعبية، أو القضايا الاجتماعية البسيطة التي يمكن للطفل فهمها، أيضًا يستفيد من خيال الأطفال الواسع من خلال تقديم قصص خيالية مشوقة، مما ينمي قدرتهم على التخيل والإبداع.
يحرص (محمد أبو الخير) على إضفاء طابع من البهجة، والمرح، والفكاهة على العروض، لأن الضحك يجعل التجربة ممتعة وأكثر تأثيرًا على الطفل، كما يبني (محمد أبو الخير) الحبكة الدرامية بطريقة مشوقة، تحافظ على اهتمام الطفل، وتدفعه لمتابعة الأحداث لمعرفة النهاية، دون اللجوء إلى الترهيب أو إثارة الخوف .
يعمل (محمد أبو الخير) على تحقيق وحدة المعالجة بين جميع عناصر العرض (المخرج، والمؤلف، والممثل، والديكور، والإضاءة، والموسيقى)، بحيث تخدم كلها الهدف الأساسي للعرض، وتتناغم لتقديم تجربة متكاملة للطفل، كما يولي (محمد أبو الخير) إهتمامًا خاصًا لأداء الممثلين، حيث يكون الأداء حيويًا ومعبرًا ومناسبًا للطفل، مع مراعاة طاقات الممثلين وقدرتهم على التواصل مع الجمهور الصغير.
وعليه فإن جماليات أساليب إخراج (محمد أبو الخير) في مسرح الطفل المصري تتسم بالشمولية، حيث يجمع بين الأبعاد التربوية والفنية والترفيهية، مع التركيز على إشراك الطفل، وتنمية قدراته وخياله من خلال عروض مسرحية ممتعة وجذابة، وهو ما يجسد فهمه العميق لخصوصية هذا النوع من المسرح، فهو لا يكتفي بتقديم عرض مسرحي، بل يسعى لخلق تجربة تعليمية وترفيهية متكاملة، تهدف إلى بناء شخصية الطفل وتنمية مداركه ووجدانه، مع الحرص على الجودة الفنية والإبداع في استخدام كل عناصر العرض، كما يركز على المحتوى الهادف الذي يقدم في قالب جذاب وممتع، مما يضمن وصول الرسالة التربوية إلى الطفل بفاعلية ومحبة.