الإثنين , يوليو 7 2025

إيران تلوّح بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي

كتب مصطفى قطب

في تطور خطير قد يفتح فصلًا جديدًا من التوترات النووية، أعلنت إيران أن البرلمان الإيراني يعكف على إعداد مشروع قانون قد يدفع الجمهورية الإسلامية إلى الانسحاب من “معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية” (NPT)، في خطوة وصفتها أطراف دولية بأنها “تصعيد خطير” على خلفية المواجهة المتواصلة مع الغرب.

 

يأتي ذلك ردًا على البيان الذي أصدره مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والذي اتهم طهران صراحةً بـ”مخالفة التزاماتها” بموجب المعاهدة الدولية، مما فجر ردود فعل غاضبة داخل أروقة السلطة في طهران، التي اعتبرت الموقف الغربي “مسيسًا ومزدوج المعايير”.

 

وقال نواب في البرلمان الإيراني إن مشروع القانون الجديد “قيد الإعداد” و”سيناقَش في الجلسات المقبلة”، معتبرين أن استمرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية في ما وصفوه بـ”الانحياز للضغوط الأمريكية والإسرائيلية”، ينسف التفاهمات الأساسية التي تقوم عليها معاهدة حظر الانتشار النووي.

 

وحذّر مسؤولون إيرانيون من أن طهران لن تبقى ملتزمة باتفاقيات دولية لا تُحترم بنودها بشكل متوازن، مشيرين إلى أن جميع الخيارات على الطاولة، بما في ذلك الانسحاب الكامل من المعاهدة التي تنظم الملف النووي عالميًا.

 

رغم هذه التهديدات، لا تزال إيران تنفي بشكل قاطع سعيها لتطوير أسلحة نووية، مؤكدة أن أنشطتها النووية لأغراض سلمية بحتة. لكنها في الوقت ذاته، أطلقت في الأسابيع الأخيرة صواريخ بعيدة المدى على أهداف إسرائيلية، في رد مباشر على الضربات الإسرائيلية التي استهدفت منشآت داخل إيران.

 

دخلت معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية حيز التنفيذ عام 1970، وتهدف إلى منع انتشار القدرة على تصنيع الأسلحة النووية، مع ضمان حق الدول في تطوير الطاقة النووية السلمية، والمطالبة في الوقت نفسه بنزع السلاح النووي من القوى الكبرى.

 

المعاهدة تعترف بخمس دول فقط كدول نووية، وهي: الولايات المتحدة، روسيا (وريثة الاتحاد السوفيتي)، الصين، فرنسا، وبريطانيا، وهي الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي.

 

يوجد ثلاث دول لم توقع على المعاهدة، وطورت جميعها أسلحة نووية، وهي: الهند، باكستان، وإسرائيل. وبينما أعلنت الهند وباكستان صراحة امتلاكهما أسلحة نووية، فإن إسرائيل تتبع سياسة الغموض النووي، وترفض تأكيد أو نفي امتلاكها ترسانة نووية، رغم أن تقارير عديدة تؤكد امتلاكها لها منذ عقود.

 

تزايدت المخاوف في الأوساط الدولية من أن انسحاب إيران من المعاهدة سيمثل ضربة قوية لمنظومة الأمن النووي العالمي، وسيفتح الباب أمام سباق تسلح جديد في منطقة الشرق الأوسط، التي تشهد أصلًا توترًا عسكريًا متصاعدًا بين إيران وإسرائيل.

 

ويرى مراقبون أن التلويح الإيراني بالانسحاب قد يكون ورقة ضغط جديدة ضمن لعبة تفاوضية شديدة التعقيد، خاصة في ظل توقف المحادثات النووية منذ أشهر، وتصاعد الهجمات المتبادلة بين الطرفين.

 

فيما يترقب المجتمع الدولي ما ستؤول إليه مناقشات البرلمان الإيراني، يبقى مستقبل المعاهدة على المحك، وسط تحذيرات من انزلاق المنطقة نحو مواجهات مفتوحة، ما لم تُستأنف قنوات الحوار وتُفعّل أدوات الدبلوماسية قبل فوات الأوان.

شاهد أيضاً

فيصل بن فرحان : العلاقات السعودية الروسية ركيزة للسلام والتقارب الحضاري

كتب مصطفى قطب في تأكيد جديد على متانة العلاقات بين الرياض وموسكو، أعرب وزير الخارجية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *