كتب مصطفى قطب
في تصعيد جديد داخل أروقة السياسة الأمريكية، طالبت لجنة الرقابة في مجلس النواب الأمريكي أربعة من كبار مسؤولي إدارة الرئيس السابق جو بايدن، بالإدلاء بشهاداتهم حول ما وصفته بـ”التستر المنهجي” على التدهور العقلي المحتمل للرئيس خلال فترة رئاسته. خطوة تشي بأن واشنطن قد تكون على أعتاب أزمة دستورية غير مسبوقة، إذا ما ثبت أن قرارات تنفيذية اتُخذت دون علم أو موافقة القائد الأعلى.
رئيس اللجنة، النائب الجمهوري جيمس كومر عن ولاية كنتاكي، وجه استدعاءات رسمية للمثول أمام اللجنة إلى كل من: المتحدثة السابقة باسم البيت الأبيض كارين جان بيير، ورئيس الموظفين السابق جيف زينتس، ونائب المتحدث الرسمي أندرو بيتس، والمساعد الخاص للرئيس إيان سامز، مطالبًا إياهم بحضور جلسات استماع مسجلة ستعقد في أواخر أغسطس وأوائل سبتمبر.
تحقيقات اللجنة لا تقتصر على الاستماع فقط، بل أمهلت المسؤولين الأربعة حتى الرابع من يوليو للرد على الدعوة بالحضور الطوعي، مهددة بإصدار استدعاءات قضائية في حال امتناعهم. وتأتي هذه الخطوة في إطار تحقيق أوسع تقوده لجنة الرقابة حول ما إذا كان بعض مسؤولي البيت الأبيض قد تصرفوا فعليًا نيابة عن الرئيس، خاصة في قضايا مصيرية شملت منح عفو رئاسي، وإصدار قرارات تنفيذية دون تفويض دستوري مباشر.
في رسائله، أكد كومر أن الشهادات المرتقبة قد تكشف تفاصيل صادمة عن مدى تورط بعض الشخصيات المحورية في دائرة بايدن في التستر على حالته العقلية، واتخاذ قرارات مؤثرة خلف الكواليس. ولفت إلى أن المتحدثة السابقة جان بيير كانت قد نفت تلك المزاعم في وقت سابق، معتبرة أنها “معلومات مضللة”، وهو ما وصفه كومر بـ”محاولة تضليل ممنهجة تحتاج إلى تدقيق صارم”.
وشدد على أن اللجنة ستتخذ كافة الإجراءات القانونية المتاحة، وأنه في حال ثبت وجود تواطؤ لإخفاء تدهور صحة الرئيس، فإن الكونغرس قد يتحرك باتجاه تشريعات تلزم بالكشف الدوري والشفاف عن الوضع الصحي للرؤساء أثناء توليهم المنصب.
حتى لحظة نشر هذا التقرير، لم تصدر أي تعليقات رسمية من جان بيير أو أي من المسؤولين الآخرين بشأن طلب الاستدعاء. إلا أن حالة الصمت هذه زادت من حدة التكهنات بشأن مدى تورطهم في اتخاذ قرارات بعيدًا عن علم الرئيس.
يذكر أن اللجنة كانت قد استدعت في وقت سابق طبيب بايدن الشخصي، الدكتور كيفن أوكونور، والمستشار السابق للسيدة الأولى أنتوني برنال، بعد رفضهما الحضور الطوعي لتقديم شهادتهما.
لم يفوّت الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الفرصة، إذ علق مؤخرًا على هذا الجدل المتصاعد بالقول: “إدارة جو بايدن كانت غبية، وإدارتي جعلت أمريكا عظيمة”، في إشارة واضحة إلى استغلاله السياسي لما قد يكون أضعف نقطة في سجل بايدن مع اقتراب الانتخابات المقبلة.
تأتي هذه التحقيقات في توقيت حرج، حيث تستعد الولايات المتحدة لخوض انتخابات رئاسية ساخنة في عام 2026، مع ازدياد الجدل حول أهلية المرشحين وقدرتهم على قيادة الدولة. وإذا ما ثبتت صحة المزاعم، فإن ذلك قد يهز الثقة العامة في مؤسسات الدولة، ويفتح الباب أمام مطالبات واسعة بإصلاحات دستورية تطال صلاحيات الرئاسة وشفافية التقارير الصحية.
لا شك أن ما يحدث الآن داخل أروقة الكونغرس الأمريكي يضع النخبة السياسية أمام اختبار صعب؛ فالمسألة لم تعد فقط خلافًا بين الجمهوريين والديمقراطيين، بل مسألة تخص الأمن القومي وثقة الشعب في مؤسساته. وإذا كان هناك فعلاً “دولة خفية” تدير الأمور من وراء الكواليس، فإن لجنة الرقابة عازمة هذه المرة على كشفها للعامة.
أمريكا تراقب، والعالم يتابع… والحقائق قد تزلزل الأرض تحت أقدام كبار مساعدي الرئيس السابق.