كتب مصطفى قطب
في خطوة تُنذر بتصاعد التوترات على الساحة الدولية، أقر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان قانونًا يقضي بتعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وذلك ردًا على ما وصفه بـ”السلوك الهدّام” من قبل الوكالة تجاه بلاده. الإعلان الرسمي جاء عبر بيان صادر عن الرئاسة الإيرانية، ونقلته قناة القاهرة الإخبارية.
القرار الإيراني يأتي في ظل مناخ مشحون، إذ تسود حالة من التوتر بين طهران والجهات الغربية بشأن برنامج إيران النووي، ويبدو أن الخطوة الأخيرة تمثل رسالة قوية من إيران مفادها رفضها لما تعتبره تحيزًا أو ضغطًا غير مبرر من الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وخلال اتصال هاتفي جمعه مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، أكد بزشكيان أن تعليق التعاون مع الوكالة هو رد طبيعي على تصرفات المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، واصفًا إياها بـ”غير البنّاءة والهدّامة”.
وأضاف بزشكيان: “المبادرة التي اتخذها أعضاء البرلمان الإيراني بتعليق التعاون ليست سوى نتيجة مباشرة للتصرفات المنحازة من قبل الوكالة”، مشددًا على أن إيران لا تزال منفتحة على الحوار، لكنها لن تقبل الإملاءات أو الضغوط.
يأتي هذا القرار ليضيف طبقة جديدة من التعقيد إلى الملف النووي الإيراني، الذي لا يزال أحد أبرز القضايا في العلاقات الدولية، خصوصًا بعد تعثر جهود إحياء الاتفاق النووي المعروف باسم “JCPOA”، الموقع عام 2015 بين إيران والقوى الكبرى.
ويرى مراقبون أن خطوة تعليق التعاون مع الوكالة تمثل تحديًا مباشرًا للجهود الغربية الرامية إلى فرض رقابة دقيقة على البرنامج النووي الإيراني، خاصة في ظل التقارير التي تتحدث عن تسارع تخصيب اليورانيوم ورفع نسبته إلى مستويات قريبة من الاستخدام العسكري.
لم تصدر حتى الآن ردود فعل رسمية من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لكن من المتوقع أن تواجه إيران إدانة دولية وعودة محتملة للعقوبات أو التهديد بها، في حال استمر التصعيد وأغلقت طهران أبواب التعاون بالكامل.
وفي المقابل، قد تستغل طهران هذه الخطوة كورقة ضغط في أي مفاوضات قادمة، أو كرسالة مفادها أن سياسة “الصبر الاستراتيجي” لم تعد مجدية، خاصة في ظل استمرار العقوبات الغربية وتجميد الأموال الإيرانية في الخارج.
ويُقرأ هذا القرار على نطاق واسع كرسالة سياسية موجّهة للخارج، تؤكد فيها إيران تمسكها بحقها في تطوير برنامج نووي “سلمي” وفق تعبيرها، مع رفض أي تدخل أو مراقبة تعتبرها مسيّسة وغير موضوعية.
وفي ظل غياب توافق دولي واضح حول كيفية التعامل مع إيران، يبدو أن قرار بزشكيان قد يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من المواجهة الدبلوماسية وربما الأمنية، ما لم تنجح المساعي الدولية في كبح جماح التصعيد وضمان عودة الأطراف إلى طاولة التفاوض.