الأحد , يوليو 6 2025

إسرائيل تُعيد الحسابات: وقف النار مع إيران لا يعني نهاية المعركة النووية

كتب مصطفى قطب

رغم وقف إطلاق النار المعلن بين إيران والولايات المتحدة، إلا أن المشهد الإقليمي لا يزال مضطربًا، حيث تسود في إسرائيل حالة من الترقب المشوب بالقلق، وتبرز تساؤلات استراتيجية متزايدة بشأن مدى نجاح الحملة العسكرية الأخيرة ضد المنشآت الإيرانية، ومدى تأثيرها الحقيقي على المشروع النووي لطهران.

 

وبحسب ما نقلته صحيفة “يديعوت أحرونوت”، فإن القيادة الإسرائيلية باتت تدرك أن الهدوء العسكري لا يعني بالضرورة نهاية المعركة، بل إنه مجرد محطة في صراع معقد وطويل، يتطلب إعادة حسابات دقيقة لتحديد الأولويات والتحركات المقبلة.

 

أحد أبرز محاور القلق الإسرائيلي حاليًا هو مدى تضرر البرنامج النووي الإيراني، خاصة بعد الهجمات الجوية الأخيرة التي استهدفت منشآت نووية مدفونة في عمق الأرض. وتؤكد مصادر استخباراتية أن إيران لا تزال تمتلك مخزونًا من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، إلى جانب مئات من أجهزة الطرد المركزي المتطورة التي يُعتقد أنها نُقلت أو أُخفيت قبيل الضربات.

 

هذا السيناريو، وفقًا للمحللين العسكريين في تل أبيب، قد يمكّن إيران من تطوير سلاح نووي بدائي خلال فترة وجيزة، ما يمنحها نوعًا من “الحصانة النووية” ويُحدث تحوّلًا جذريًا في قواعد اللعبة الاستراتيجية في المنطقة.

 

التقارير القادمة من داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تشير إلى أن الحكومة تعكف حاليًا على دراسة مجموعة من التوصيات التي تتمحور حول:

 

تكثيف عمليات جمع المعلومات الاستخباراتية بالتعاون مع الولايات المتحدة، لمعرفة ما إذا كانت الأهداف العسكرية قد تحققت بالفعل، خصوصًا في ما يتعلق بتعطيل مسار البرنامج النووي الإيراني.

 

تحليل الأضرار التي لحقت بمنشآت التخصيب وتحديد مدى تأثر القدرات التقنية والعلمية الإيرانية، خاصةً في مواقع نطنز وفوردو وأراك.

 

تقييم القدرات الهجومية المتبقية لدى طهران، حيث تشير التقديرات إلى أن جزءًا كبيرًا من ترسانة إيران الصاروخية، بما في ذلك الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة وصواريخ كروز، لم يُستخدم في المواجهة الأخيرة، ما يُبقي التهديد العسكري قائمًا.

 

في الجانب السياسي، هناك قلق داخل الأوساط الإسرائيلية من أن يؤدي وقف إطلاق النار إلى تراخٍ أمريكي في التعامل مع الملف النووي الإيراني، خصوصًا إذا تم تصوير الهدنة كـ”انتصار تكتيكي” يُمكن البناء عليه دبلوماسيًا. وتخشى إسرائيل أن تُستغل هذه المرحلة لإعادة إحياء مفاوضات الاتفاق النووي، ما يمنح إيران الوقت والمساحة لتجاوز العوائق الحالية.

 

يرى مراقبون أن إسرائيل قد تلجأ في المرحلة المقبلة إلى توسيع عملياتها الاستخباراتية والاستباقية، وقد تشمل تلك التحركات شن هجمات سيبرانية على المنشآت النووية أو تنفيذ عمليات سرية داخل الأراضي الإيرانية لعرقلة جهود استعادة البنية النووية.

 

وفي المقابل، تبقى كل الاحتمالات مفتوحة، خاصة في ظل عدم وجود ضمانات حقيقية بأن إيران ستتوقف عن السعي لامتلاك قدرة نووية، وهو ما يُعيد طرح السؤال الأصعب: هل المواجهة المقبلة باتت مسألة وقت؟

 

تؤكد التطورات الأخيرة أن وقف إطلاق النار بين إيران والولايات المتحدة ليس نهاية للصراع، بل بداية لمرحلة جديدة أكثر تعقيدًا. وبينما تواصل إسرائيل مراجعة استراتيجياتها، تظل الحقيقة الكبرى ماثلة أمام الجميع: المشروع النووي الإيراني لم يُحسم بعد، والمعركة من أجل “الأمن الإقليمي” لا تزال مفتوحة على كل الاتجاهات.

شاهد أيضاً

فيصل بن فرحان : العلاقات السعودية الروسية ركيزة للسلام والتقارب الحضاري

كتب مصطفى قطب في تأكيد جديد على متانة العلاقات بين الرياض وموسكو، أعرب وزير الخارجية …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *